فن الإنفوجرافيك هو لغة بصرية قوية تستطيع أن تحول البيانات المعقدة والمعلومات الجغرافية إلى صور مبسطة وسهلة الفهم. وعندما يتم دمجه مع تدريس الجغرافيا، فإن النتيجة هي تجربة تعليمية أكثر إثارة وفعالية.
وفرة المعلومات تعدُّ إحدى المميزات الرئيسة في القرن الحادي والعشرين؛ وذلك نتيجة التنوع والانتشار في مصادر المعلومات، وتعدد طرائق الوصول إليها؛ وبطبيعة الحال هذا قد يؤدي إلى صعوبة فهم المعلومات المتوفرة، وأخذ المناسب منها، وتحديد مدى مصداقيتها.
ووجود هذا الكم الهائل من المعلومات في مناهج الجغرافيا التي تدور حول الظواهر والقضايا الجغرافيا والأحداث الراهنة؛ يجعل المتعلم في تحد صعب، ماذا يأخذ منها وماذا يترك؟ لذا ينبغي على معلمي الجغرافيا التدريس بطرق مختلفة وممارسات متعددة تسمح للمتعلم بالتعامل مع هذا الزخم المعلوماتي، وتدفقه الانسيابي في مخزونه الفكري.
وبصورة أكثر اعترافاً، إن تعلم الجغرافيا وتعليمها في عصر المعلومات يواجه بعض التحديات التي تفرض على مخططي المناهج بشكل خاص والتربويين بشكل عام التغيير في طرق تعلمها في التعليم العام ومن أهمها ما ذكره محمود (2005م) من أن” التغير التكنولوجي وما صاحبه من ظهور اختراعات وأفكار ونظريات علمية تأخذ سبيل الاطراد والاستمرار بحيث يؤدي كل تغير إلى تغير لاحق، ولعل أهم ما يميز التغير التكنولوجي تلك القفزات السريعة المتلاحقة التي تطرأ على خط تدريس الجغرافيا عبر الزمن وبالتالي أصبحت الحاجة إلى استخدام طرق تدريس جديدة في الجغرافيا لمواكبة عصر الانترنت والاتصالات ”
ومن هنا يمكن القول إن إمكانية التدريس وفق فن الرسم بالمعلومات المعروف بـِ ( الانفوجرافيك ) يناسب طبيعية المتعلم البصري في هذا العصر، فهو أحد الأساليب التكنولوجية الحديثة التي يمكن استخدامها في تقديم المحتوى العلمي؛ للمتعلم بطريقة شيقة جذابة تمكن الجغرافيا من تحقيق أهدافها.
وهو مصطلح تقني يشير إلى تحويل المعلومات والبيانات المعقدة إلى مجموعة رسوم مصورة يسهل على من يراها استيعابها دون الحاجة إلى قراءة الكثير من النصوص، وهو أحد الوسائل الهامة والفعالة الآن، وأكثرها جاذبية لعرض المعلومات خصوصًا عبر الشبكات الاجتماعية، فهو يدمج بين السهولة، والسرعة، والتسلية في عرض المعلومة وتوصيلها إلى المتلقي.
وفي السياق ذاته يعتبر الانفوجرافيك من أحدث تكنولوجيا التعلم القائمة على الويب، ويتميز بعرض المعلومات الصعبة والمعقدة بطريقة سهلة وواضحة، عن طريق تحويل الكم الهائل من البيانات إلى صور ورسومات تجمع بينها وحدة الموضوع، كما أنه يقدم للمتعلم فرصة للمقارنة بين الأحجام والأبعاد والأشكال، مع القدرة على مساعدته على التفكير العميق.
ويعد الانفوجرافيك الجغرافي فنا مبتكرا وطريقة خلاقة لفهم المحتوى، إذ يحول نصاً ما يشمل أرقاماً وإحصاءات ونصوصا إلى رسومات وأشكال بيانية وخرائط مكانية ومنظمات بصرية؛ لتبسيط الرسالة للقارئ.
لماذا يعد الإنفوجرافيك أداة قوية في تدريس الجغرافيا؟
تبسيط المعلومات المعقدة: يُمكن للإنفوجرافيك أن يأخذ خرائط معقدة وإحصائيات جغرافية ويحولها إلى رسوم بيانية بسيطة وسهلة القراءة، مما يساعد الطلاب على فهم المفاهيم الجغرافية بشكل أسرع وأعمق.
تعزيز التذكر: تُعتبر العناصر البصرية أكثر جاذبية للدماغ البشري، مما يساعد على تذكر المعلومات بشكل أفضل. فالطلاب الذين يتعلمون الجغرافيا من خلال الإنفوجرافيك يكونون أكثر قدرة على تذكر الحقائق والأرقام.
تحفيز الفضول: تصميمات الإنفوجرافيك الجذابة والمبتكرة يمكن أن تحفز فضول الطلاب وتشجعهم على استكشاف المزيد حول المواضيع الجغرافية.
توفير تجربة تعليمية تفاعلية: يمكن للطلاب التفاعل مع الإنفوجرافيك من خلال النقر على العناصر المختلفة واستكشاف المزيد من التفاصيل، مما يجعلهم يشعرون بأنهم جزء من عملية التعلم.
أمثلة على استخدام الإنفوجرافيك في تدريس الجغرافيا:
خرائط حرارية: لإظهار توزيع السكان أو الظواهر الجغرافية الأخرى.
خطوط زمنية: لتوضيح التغيرات الجغرافية على مر الزمن.
مقارنات بصرية: لمقارنة بين مختلف المناطق الجغرافية.
شرح الظواهر الطبيعية: مثل الدورات المناخية أو حركة الصفائح التكتونية.
كيف يمكن للمعلمين استخدام الإنفوجرافيك في الصف؟
إنشاء انفوجرافيك خاص بهم: يمكن للمعلمين استخدام أدوات تصميم الإنفوجرافيك المتاحة بسهولة لإنشاء انفوجرافيك مخصص لدروسهم.
استخدام الإنفوجرافيك الجاهز: هناك العديد من المواقع التي توفر انفوجرافيك جاهز عن مختلف المواضيع الجغرافية.
تطوير أنشطة تفاعلية: يمكن للمعلمين تصميم أنشطة تفاعلية تعتمد على الإنفوجرافيك لتشجيع الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات.
باختصار، فإن الإنفوجرافيك هو أداة قوية يمكن أن تحول تدريس الجغرافيا إلى تجربة تعليمية أكثر إثارة وفعالية. من خلال استخدام الإنفوجرافيك، يمكن للمعلمين مساعدة الطلاب على فهم المفاهيم الجغرافية المعقدة بشكل أفضل وتطوير مهارات التفكير النقدي والحل الإبداعي.
لانفوجرافيك و التعليم
استطاع الانفوجرافيك أن يثبت نفسه كأداة جذب مهمة في الإعلانات والتسويق، ولكنه أيضا أثبت جدارته في مجال التعليم، فهو من الأدوات المفيدة التي يمكن للمعلم استخدامها داخل حجرة الدراسة أو خارجها بطرق متنوعة. إن استخدام الانفوجرافيك في العملية التعليمية يوفر العديد من المميزات منها:
إيصال المعلومات المعقدة بطريقة سلسة وبسيطة.
كما أنه يخاطب العقل بما يناسبه من میل المتعلمين للتعلم من خلال الرؤية البصرية.
يساعد المتعلم على تكوين نظرة إجمالية للمعلومات المقدمة ومعرفة العلاقات فيما بينها مما يوفر تكامل المعرفة داخل المجال الواحد.
تكامل المعرفة عن طريق ربطها بعضها البعض في مجالات مختلفة.
توجيه المعلم والمتعلم إلى التركيز على المفهوم والمعنى وليس على الحفظ والكم.
قلة التكاليف المطلوبة لاستخدام الانفوجرافيك مقارنة بوسائل تعليمية أخرى.
يوفر عنصر التشويق والمتعة في العملية التعليمية.
مراحل تصميم الانفوجرافيك في مجال التعليم
يتم تصميم الانفوجرافيك في مجال التعليم وفقا لخمس مراحل هي كما أشار إليها محمد شلتوت (2016م):
المرحلة الأولى: مرحلة الدراسة والتحليل:
وتشمل هذه المرحلة ما يلي:
تحليل وتحديد الاحتياجات التعليمية: من خلال وصف الوضع الراهن ووصف الوضع المرغوب، وتحديد الاحتياج من خلال الفرق بين الوضع الراهن والوضع المرغوب.
تحليل الأهداف: وتعد من أهم مراحل تصميم انفوجرافيك تعليمي ناجح، ولابد من صياغة الأهداف بطريقة سلوكية للتمكن من قياسها، ويجب أن تكون شاملة لجوانب التعلم.
تحليل المادة العلمية: لابد من تحليل المحتوى التعليمي بشكل يساعد على تمثيله بصرياً عن طريق الانفوجرافيك بحيث يتم تقسيمها إلى أجزاء صغيرة.
4- تحليل خصائص المتعلمين: لابد من تحليل خصائص المتعلمين من الجوانب المختلفة العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية.
المرحلة الثانية: مرحلة التصميم:
وفي هذه المرحلة يتم تصميم المخطط الشكلي لعناصر الانفوجرافيك وتشمل صياغة الأهداف الإجرائية، وإعادة صياغة المحتوى التعليمي لتسهيل ترجمته بصرياً.
المرحلة الثالثة: مرحلة الإنتاج:
ويتم في هذه المرحلة إنتاج النموذج الأولي بتطبيق المخطط الشكلي وتجميع العناصر البصرية، واستخدام أحد برامج تصميم الجرافيك في إنشاء الانفوجرافيك، وإجراء المراجعة الفنية على النموذج الأولي؛ للتأكد من اكتمال تمثيل المحتوى العلمي بصرياً، وكذلك مراعاة تسلسل المعلومات وسلامة اللغة.
المرحلة الرابعة: مرحلة التقويم
يتم تقويم الانفوجرافيك التعليمي من خلال عرضه على مجموعة من الخبراء المختصين من أجل إقرار صلاحيته للتطبيق.
المرحلة الخامسة: النشر والاستخدام
وذلك من خلال الاستخدام الميداني والتطبيق في مجال التعليم.
معايير تصميم الانفوجرافيك
في دراسة تم اجراءها تم تحديد من خلالها معايير تصميم الانفوجرافيك الناجح فيما يلي:
التصميم: فالموضوع بمثابة الروح، والتصميم بمثابة الجسد، أي التأكيد والاهتمام بموضوع الانفوجرافيك أولاً، والاهتمام بالمعلومات والبيانات المطروحة للعرض، ثم اختيار القصة والتصميم المناسب لطرح تلك البيانات، أو هذه المعلومات.
التوجيه غير المباشر، مع البساطة والإيجاز: بالاعتماد على خاصية الفضول لدى الإنسان ، والتطلع إلى المعلومات.
العرض المنظم للمعلومات والبيانات باستخدام علامات الترقيم والتنقيط، والتي تسهل من عمليات حفظ المعلومات وتذكرها فيما بعد.
التركيز على موضوع واحد لمعالجته بالانفوجرافيك.
5. البحث عن مصادر معلومات مصدقة ودقيقة وواضحة.
6. مراعاة التسلسل في المعلومات.
7. مراجعة الأخطاء الإملائية والنحوية.
الأهمية التربوية للانفوجرافيك في تدريس الجغرافيا
قد ظهر فن الانفوجرافيك في تدريس مادة علم الجغرافيا بتصميماته المتنوعة في محاولة لإضفاء شكل مرئي جديد لتجميع وعرض المعلومات أو نقل البيانات في صورة جذابة إلى القارئ، حيث إن تصميمات الانفوجرافيك مهمة جداً؛ لأنها تعمل على تغيير طريقة المتعلمين في التفكير تجاه الأشكال والرسومات البيانية والمعلومات المعقدة مثل البيانات السكانية والاقتصادية المختلفة. ويعتبر فن الانفوجرافيك من الفنون التي تساعد القائمين على العملية التعليمية في تقديم المناهج الدراسية وبخاصة مادة الجغرافيا بأسلوب جديد وشيق؛ لتحقيق الأهداف المرجوة.
ويمكن إيجاز فوائد الانفوجرافيك التربوية في تدريس الجغرافيا فيما يلي:
تبسيط المعلومات وسهولة فهمها.
ينمي التفكير البصري؛ لأنه يقدم المعلومات في صورة بصرية.
يساعد على بقاء أثر التعلم لدى المتعلمين.
يسهام في فهم المجردات بصورة أوسع.
يعتمد على حذف التفاصيل غير المرغوبة.
تعدد أساليب وأنماط العرض.
والمتأمل لتصاميم الانفوجرافيك المتداولة بشكل كبير عبر الانترنت يجد أنها جغرافية بما تتضمن خرائط مدن ودول أو مواقع جغرافية أو نسب مئوية أو رسوم بيانية؛ والتي أسهمت بشكل فعال في الآونة الأخيرة في زيادة وإثراء المحتوى على شبكة الإنترنت، فهذا الفن ليس مجرد أرقام ورسوم بيانية أو تصاميم، إنما هو نتاج خضم من مواد ودراسات بحثية الموضوع معقدة الإجراء، تم تبسيطها وتحليلها وإخراجها بشكل تصويري مبسط؛ لتسهل على القارئ التمعن والنظر لجوهر الموضوع.
المصدر تعلم جديد