تعد إستراتيجية جيكسو أحد أنماط التعلم التعاوني التي قام بابتكارها اليوت اورنوسـون كرد فعل على التوترات العنصرية في المدارس في الولايات المتحدة، وللقضاء على التمييز العنصـري بـين الطلبـة فـي المؤسسات التعليمية الأميركية، كانت الفكرة الرئيسية هي تعزيز الفهم المتبادل والتعاون بين الطلاب من خلفيات مختلفة من خلال خلق بيئة تعليمية تفاعلية تعزز العمل الجماعي والمشاركة الفعالة بين الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية والعرقية بحيث أن طلبة المجموعة الواحدة يجب أن يتكاملوا فـي انجـاز المهام الموكلة اليهم، وسميت بهذا الاسم لأنها تشبه لعبة التركيب لإكمال شكل معين (جيكسـو )، ولهذه الطريقة ميزات عديدة تؤثر على التحصيل والاتجاهات، وتشجع الطلبة على التعاون، كمـا أنها تحطم الحواجز الشخصية بينهم وتُنمي التفكير الإبداعي أيضاَ.

اظهرت الأبحاث في تلك الفترة أن الطلاب الذين يتعاونون ويتفاعلون بانتظام يميلون إلى تحقيق نتائج تعليمية أفضل، ولديهم مواقف أكثر إيجابية تجاه بعضهم البعض، في العقود التي تلت ابتكارها تطورت استراتيجية جيكسو لتناسب مختلف البيئات التعليمية واحتياجات التعلم الحديثة، وتم استخدامها في جميع أنحاء العالم لتحقيق أهداف تعليمية متنوعة.

مفهوم استراتيجة جيكسو:

استراتيجية جيكسو هي واحدة من أساليب التعلم التعاوني التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتفاعل بين الطلاب في بيئة تعليمية، هذه الاستراتيجية تعتمد على تقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة وتوزيع أجزاء مختلفة من المحتوى التعليمي بينهم، بحيث يصبح كل طالب مسؤولًا عن جزء محدد من المادة، بعد دراسة الأجزاء بشكل فردي، يجتمع الطلاب في "مجموعات الخبراء" لمناقشة الجزء الذي قاموا بدراسته، ثم يعود كل طالب إلى مجموعته الأصلية ليقوم بتعليم زملائه ما تعلمه.

أهمية استراتيجية جيكسو:

التركيز على العمل الجماعي النشط بحيث يعمل المتعلمـون علـى اسـتخدام المـواد والأدوات والمصادر المتاحة التي تمكنهم من بلوغ الحل الأفضل للمشكلة المطروحـة لهـم أو لطرح أفكار جديدة ، كما أنها تُمكن للمتعلم من صنع شخصية قيادية تجعله قادراً علـى تحمـل

المسؤولية، وتمتاز إستراتيجية الجيكسو بأنها تتصف بالمرونة في بناء اعتماد إيجابي متبادل بـين المجموعـات يشجع على الاستماع والاشتراك بين أعضاء المجموعة الواحدة، وذلك عند إعطاء كل عضـوالجزء الموكل إليه في النشاط التعليمي المخصص لديهم.

مميزات الاستراتيجية:

1. تجعل المادة الدراسية مشوقة للتعلم، ومثيرة، وتتصف بالجاذبية.

2. تقلل من عزلة وانطوائية بعض الطالب.

3. تنمي روح الألفة والمحبة بين الطلبة.

4. توفر فرص تعلمهم طريقة أساليب التعبير وإبداء الرأي، خلال التعاون الجماعي في المناقشة والحوار.

5. تدرب الطالب على تحمل الملسؤولية كخبير أمين.

6. تعمل على تنمية التفكير العلمي والناقد عند الطلبة، ما يساعد في زيادة القدرات اللغوية لدى الطلبة، وتطوير مهاراتهم الكتابية والابداعية والقدرة على التعبير.

7. تقوي ثقة الطالب بنفسه، وتنمي روح العمل الجماعي.

8. وتعطي فرصة للمعلم للكشف عن الفروق الفردية بين طلابه.

9. كما أنها مناسبة للطلاب الخجولين، لتعطيهم الفرصة بالتحدث والتعبير، بسبب طبيعة سير العمل والتنقل بين المجموعات، وذلك من أجل تحسين مخرجات التعلم.

10. تنمية جوانب متعددة من شخصية الطالب واتجاهاته وقيمه، واحترام آرائهم والاستماع إليهم وتطبيق القوانين التي يمليها عليهم المعلم.

11. تقبل الفروق الفردية بين طلاب المجموعة، والشعور بالولاء والانتماء للجماعة، وبالتالي الشعوربمسؤولية الحفاظ على تفوقها ومنافستها للمجموعات الأخرى.

12. يكتسب الطالب بعض المهارات، كالتفكير الناقد والابتكاري، ومهارات الاتصال ولغة الجسد، من خلال تعلمها أثناء يومه الدراسي، سواء مهارات اكتسبها من المعلم أو من زملائه الطالب.

مكونات استراتيجية جيكسو:

لتنفيذ استراتيجية جيكسو بنجاح، يجب اتباع عدة خطوات أساسية تضمن تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة:

1. تقسيم المحتوى: يبدأ المعلم بتقسيم المادة التعليمية إلى قطع أو أجزاء صغيرة، مثل قطع الأحجية، وتوزيعها على مجموعات صغيرة من الطلاب يمكن إدارتها بسهولة، يجب أن تكون هذه الأجزاء مترابطة بحيث يكمل بعضها البعض، مما يجعل التعلم مترابطًا وشاملاً.

2. تشكيل المجموعات الأصلية: يقسم الطلاب إلى مجموعات صغيرة، كل منها يحتوي على 4-6 أعضاء، يجب أن تكون هذه المجموعات متنوعة من حيث الخلفيات والمهارات لضمان تبادل الخبرات ووجهات النظر.

3. توزيع الأدوار: يُعطى كل عضو في المجموعة جزءًا من المحتوى ليصبح "خبيرًا" فيه، هذه الخطوة تشجع المسؤولية الفردية وتضمن أن يكون كل طالب مسؤولاً عن جزء من التعلم.

4. اجتماع مجموعات الخبراء: يجتمع الطلاب الذين لديهم نفس الجزء من المحتوى في "مجموعات الخبراء" لمناقشة ما تعلموه وتبادل الأفكار، يتيح لهم ذلك فرصة لفهم الموضوع بشكل أعمق والتأكد من استيعابهم للمادة قبل أن يعلموها لأعضاء مجموعتهم الأصلية.

5. التعليم المتبادل: يعود الطلاب إلى مجموعاتهم الأصلية، حيث يقوم كل "خبير" بتعليم زملائه ما تعلمه في مجموعة الخبراء، خلال هذه الخطوة، يتم تشجيع الحوار والأسئلة لضمان الفهم الكامل للمحتوى.

6. التقييم والمتابعة: يقوم المعلم بتقييم أداء الطلاب من خلال أساليب متنوعة، مثل الاختبارات أو العروض التقديمية أو المناقشات الجماعية، كما يمكنه متابعة تقدم الطلاب وتقديم الدعم الإضافي عند الحاجة.

طريقة تقسيم المجوعات في استراتيجية جيكسو:

وتستدعي طريقة جيكسو عمل الطلاب في مجموعات صغيرة تتشارك في تقديم اجزاء من حلول مشكلة عامة تتمثل في الأداء الناجح للمهة، حيث يشرف المعلم على تكليف كل عضو من المجموعة جزء من المعلومات المتعلقة بالمهمة، ولا يعطى اي عضو في المجموعة أية معلومات تجعله يسهم في حل المشكلة لوحده؛ وذلك للوصول لحل المشكلة من خلال المشاركة، وتبـادل وجهات النظر، وفي نهاية المطاف يتأكد المعلم من مدى تحقيق الأهداف بطرق التقويم المختلفة وهذه الاستراتيجية تركز على نشاط الطلبة وتفاعلهم على النحو التالي:

1. المجموعات الأم team home:

يتم توزيع الطلبة على شكل مجموعات تتكون كل منها من ( 4-6 ) أعضاء في كل مجموعة ويكون عدد الاعضاء وفق المهام الجزئية للمشكلة وتتفق المجموعة على منسق ومقرر للفريق، ويتم توزيع المهام على اعضاء الفريق بالتشاور فيما بينهم، ويتفق المعلم مع المجموعات على زمن محدد لانجاز المهام الموكلة اليهم وباشراف المعلم وتتم وفق الشكل التالي:

2. مجموعات الخبراء Team Experts:

يتجمع الطلبة في فرق متخصصة وفق المهام الموكلة اليهم، ويتلخص دورهم في مناقشة المهمة الموكلة لكل فريق، بحيث يكتسب الخبرة اللازمة بتفاصيلها ( المهمات الجزئية )، وفق الشكل الأتي:

3. مرحلة تعليم طالب لطالب ( عودة الخبراء إلى المجموعات الأم):

بحيث يعود كل طالب خبير من الفرق التخصصية إلى مجموعته الاصلية وتكون مهمة كل خبير نقل خبرته الجديدة الى افراد مجموعنه الأم ؛ لتشكل مجموعة الخبرات فيما بينهم حلاً للمهمة الكلية.

وسميت هذه المرحلة بمرحلة تعليم طالب – لطالب، بحيث يمثّل الطالب الواحد دور المعلم في خبرته ويعلم مجموعته عن الموضوع الذى تخصص به، وهذا يعنى أن المهمة التي أوكل بها لم تكن مقصورة على تعلمه فقط وإنما يتعلمها كي يعلمها لغيره، مما يستدعي اتقانه للمهمة.

ان كل طالب في المجموعة الأم يصبح ملما في جميع جوانب الموضوع، وفي داخل الفرقة يجري نقاشا،ً وتطرح الأسئلة للتأكد من ان كل فرد فيها اصبح ملما في جميع المادة موضوع المهمة التعليمية، ومن هنا جاء اسم الطريقة، لأن المهمة العامة توزع الى اقسام، وكل طالب تخصص في قسم واحد، وعند العودة للعمل في فرقة الأم يبدأ أعضاء الفرقة بتركيب هذه الأقسام بشكل ينتج عنه الشكل العام للمادة، فهو يشـبه لعبة التركيب puzzle في اعطاء الصورة للمادة في نهاية عمل فرقة الأم، وينتهى العمل بعرض النتائج ومناقشـتها، بحيث تعرض كل فرقة مهمة واحدة، ويشارك اعضاء الفرق الأخرى باستكمالها عن طريق اضافة ملاحظاتهم وتعليقاتهم، ومن أجل الوصول الى الصورة الكاملة للمادة ، ثم يعطي المعلم اختبارا لجميع الطلبة في المهمة المحددة، والعلامة التي يأخذها الطالب هي علامته الشخصية، وليست علامة المجموعة.

أن نجاح تطبيق استراتيجية جيكسوتحتاج إلى تهيئة مسبقة، تتعلق بتوفير البيئة المناسبة من غرفة تدريسية مجهزة، وعدم ازدحام الطلاب في الفصل الدراسي، وامتلاك المعلم لمهارات إدارة الصف وإدارة الوقت، ليتمكن من تحقيق أهدافها كما يجب تدريب الطالب على خطواتها، بحيث يكون المعلم قريبا من طلابه ويستمع لأسئلتهم وتعليقاتهم.

الفوائد التعليمية لاستراتيجية جيكسو:

1. تعزيز التعاون: تعزز استراتيجية جيكسو العمل الجماعي والتعاون بين الطلاب، مما يساهم في تحسين العلاقات الاجتماعية بينهم.

2. تطوير مهارات التواصل: تساعد هذه الاستراتيجية الطلاب على تحسين مهاراتهم في التواصل والقدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح وثقة.

3. تعزيز التفكير النقدي: من خلال تحليل المحتوى ومناقشته، يطور الطلاب مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

4. زيادة الدافعية: تمنح استراتيجية جيكسو الطلاب الشعور بالمسؤولية تجاه تعلمهم، مما يزيد من دافعيتهم للمشاركة والنجاح.

5. التعلم العميق: تشجع الطلاب على فهم الموضوعات بعمق بدلاً من الحفظ السطحي، مما يعزز الفهم المستدام.

6. تساعد على اجراء تغييرات ايجابية في اداء المتعلمين واخالقياتهم.

7. تعمل على بناء جو مفعم بالتفاهم والمحبة بين المتعلمين.

8. تساعد المتعلمين في خلق جو صفي مالئم.

9. تعمل على االسهام في تطوير مهارات المتعلمين الشخصية. .

10. تساعد المتعلمين على االعتماد على قدراتهم ومهاراتهم الذاتية في ادارة الصف.

11. تساعد على رفع مستوى الدافعية لدى المتعلمين.

12. تساعد على بناء اتجاهات ايجابية نحو المدرسة والمعلم والمادة الدراسية وبقية المتعلمين في وقت واحد.

13. تعمل على بناء عالقات طيبة وفاعلة بين مختلف مجموعات المتعلمين وبالتالي زيادة تحصيلهم الدراسي.

14. تنمي روح العمل والتعاون الجماعي بين المتعلمين

على الرغم من الفوائد العديدة لاستراتيجية جيكسو، إلا أنها قد تواجه بعض التحديات، منها:

1. التنظيم والتحضير: تتطلب الاستراتيجية تخطيطًا دقيقًا وتنظيمًا جيدًا من قبل المعلم لضمان توزيع المهام بشكل عادل وفعال.

2. التفاوت في المشاركة: قد يواجه بعض الطلاب صعوبة في المشاركة بفعالية بسبب الخجل أو ضعف الثقة بالنفس، مما يتطلب دعمًا إضافيًا من المعلم.

3. ضمان الشمولية: يجب على المعلمين التأكد من أن جميع الطلاب يستفيدون بشكل متساوٍ من العملية التعليمية وأن جميع الأجزاء يتم تغطيتها بشكل كامل.

دور المعلم والمتعلم في استراتيجية جيكسو:

يتمثل دور المعلم في استراتيجية جيكسو في العمل كوسيط ومدير للتعليم بحيث يتمثل الدور الأساسي للمعلـم فـي اختيـار المـواد التعليمية وتقسيم الطلبة على مجموعات وترتيبهم وتنظيمهم ، ثم شرح الطبيعة التعاونية للعمـل الجماعي، وعليه توفير بيئة مواتية لهذا النوع من العمل من خلال التشـجيع علـى المناقشـة والحوار والمشاركة الفعال، وحث الطلبة على البحث عن الحقائق والبيانات ذات العلاقة بموضوع التعلم الموكل اليهم، ومراقبة عمل المجموعة، وتقديم العون للطلبة في العمل الجمـاعي لتحقيـق الهدف المطلوب منهم في المادة التعليمية، بالاضافة لوضع اختبارات لقياس مدى فهمهم ولقيـاس درجة و كفاءة التعلم بالموضوع الموكلة إليهم .

اما دور المتعلم فيتمثل في ان المتعلم هو المحور الرئيس في عملية التعلم، ودوره في هذه الاستراتيجية إيجابي وفعـال محاولاُ البحث عن البيانات لحل القضايا ولتفعيل التجارب السابقة وربطها بالخبرات والمواقـف الجديدة وجمعها وتنظيمها، كما يعتبر المتعلم باحثًا دائما بخلاف دوره في طرق التدريس التقليدية والتي تقتصرعلى تلقي المعلومات وحفظها دون محاولة البحث عن معلومات وربطها بمواقف أخرى، وعليه مساعدة زملاؤه بنفس المجموعة المنتمي إليها، وأن يكون مسؤولاُ عن أداء مهمتـه الموكلة إليه

اخيرا تعتبر استراتيجية جيكسو وسيلة فعالة لتعزيز التعلم التعاوني وتحفيز الطلاب على المشاركة الفعالة في العملية التعليمية. من خلال العمل الجماعي والتفاعل بين الطلاب، يمكن تحقيق تعلم أعمق وأكثر شمولية، مما يساهم في بناء مهارات حياتية أساسية مثل التعاون والتواصل والتفكير النقدي. على الرغم من التحديات التي قد تواجه تنفيذها، إلا أن الفوائد التي تقدمها تجعلها أداة قيمة في تعزيز التجربة التعليمية للطلاب في مختلف المستويات الدراسية.